لطالما شجعت إرشادات وزارة الزراعة الأمريكية على استهلاك منتجات الألبان قليلة الدسم أو الخالية من الدسم على مدار العقود الماضية. ولكن هل تدعم الأبحاث العلمية هذه النصائح؟

 
على الرغم من التوصيات التي استمرت لعقود حول تجنب الحليب كامل الدسم ومنتجات الألبان الأخرى ذات المحتوى العالي من الدهون، تشير الأبحاث الحديثة إلى ضرورة إعادة النظر في هذه النصائح، وفقًا لعدد من الخبراء.
 
بينما تواصل وزارة الزراعة الأمريكية في إرشاداتها للفترة من 2020 إلى 2025 تشجيع استهلاك منتجات الألبان قليلة الدسم والخالية من الدهون، يشير بعض أطباء القلب والمتخصصين في التغذية إلى أن هذه التوصيات قد لا تتماشى مع التطورات العلمية الأخيرة.
 
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أنه قد يكون هناك دليل على أن استهلاك كميات كبيرة من منتجات الألبان قليلة الدسم قد يسهم في زيادة الوزن ويزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض.
 
أوضحت وزارة الزراعة الأمريكية في بيان لموقع **TODAY.com** أن الإرشادات الغذائية لعام 2020 استندت إلى "مراجعة شاملة للأدلة العلمية المتاحة في ذلك الوقت"، التي أظهرت أن النظام الغذائي الذي يتضمن كميات أكبر من منتجات الألبان قليلة الدسم أو كميات أقل من المنتجات عالية الدهون، بالإضافة إلى الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات، "يؤدي إلى نتائج صحية أفضل فيما يتعلق بأمراض القلب والأوعية الدموية، السكري من النوع 2، السمنة، صحة العظام وبعض أنواع السرطان".
 
وأضافت الوزارة أن اللجنة الاستشارية الخاصة بالإرشادات الغذائية لعام 2025 تراجع حاليًا الأدلة حول "كيف يؤثر حليب الألبان وبدائل الحليب بمستويات مختلفة من الدهون" على خطر الإصابة بالسكري من النوع 2 والسمنة، وكذلك "كيف تؤثر مصادر الدهون المختلفة في الغذاء على خطر الإصابة بأمراض القلب". وأوضحت الوزارة أن هذه الدراسات، جنبًا إلى جنب مع غيرها، ستساعد في توجيه التوصيات المستقبلية بشأن الألبان والمنتجات المدعمة مثل فول الصويا.
 

تزايد أنظمة الغذاء منخفضة الدهون والسمنة

ظهر الاهتمام بتقليل الدهون في النظام الغذائي في الثمانينيات، إذ تم التركيز على أن الدهون تسبب تراكم الدهون في الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. بناءً على هذه الفكرة، قدمت وزارة الزراعة الأمريكية توصياتها بتقليل تناول الدهون في الإرشادات الغذائية للأمريكيين لعام 1980.
 
تعرّف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية المنتجات الخالية من الدهون بأنها تلك التي تحتوي على أقل من 0.05 جرام من الدهون لكل وجبة، بينما تُعتبر المنتجات قليلة الدهون التي تحتوي على 3 جرام أو أقل من الدهون لكل وجبة.
 
يقول الدكتور تشاوبينغ لي، أستاذ الطب في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إن هذه الإرشادات دفعت الشركات إلى تقديم منتجات قليلة أو خالية من الدهون، وعادةً ما كانت هذه المنتجات تحتوي على كميات أعلى من السكر لتحسين الطعم.
 
كان الاعتقاد السائد أن تقليل الدهون من شأنه أن يساعد في تحسين الصحة وفقدان الوزن، رغم أن الدراسات الحديثة أظهرت أن الجينات قد تلعب دورًا أكبر في تراكم الدهون في الدم. كما أن التقليل من الدهون جعل اختيار الأطعمة أسهل، بحسب ما يذكر الدكتور داريوش مظفريان، أستاذ التغذية في جامعة تافتس.
 

السمنة وانتشار الأنظمة الغذائية منخفضة الدهون

في ذات الوقت تقريبًا، بدأت السمنة تتحول إلى مشكلة صحية واسعة في الولايات المتحدة، وفقًا لأبحاث متعددة. يقول مظفريان: "من الواضح أن شيطنة الدهون ساهمت في تناول مزيد من الحبوب المكررة والسكر المضاف، وهما عاملان رئيسيان في زيادة الوزن ومقاومة الأنسولين".
 

الدراسات تشير إلى أن الألبان قليلة الدسم قد لا تمنع الأمراض المزمنة

في عام 2006، كانت دراسة مبادرة صحة المرأة واحدة من أولى الدراسات التي أثارت الشكوك حول فعالية الأنظمة الغذائية منخفضة الدهون في الوقاية من الأمراض المزمنة. الدراسة التي شملت أكثر من 48 ألف امرأة بين 50 و79 عامًا أظهرت أنه لا يوجد فرق في مخاطر الإصابة بالسرطان أو أمراض القلب أو السكري بين من تناولوا غذاءً منخفض الدهون أو غذاءً يحتوي على كميات أكبر من الدهون.
 
وفي السنوات الأخيرة، نُشرت العديد من الدراسات التي توضح أن تناول الألبان كاملة الدسم قد لا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب أو السرطان. دراسة أجريت عام 2020 نُشرت في *مجلة التغذية المتقدمة* أظهرت أن منتجات الألبان كاملة الدسم قد تساعد في الوقاية من أمراض القلب ومرض السكري من النوع 2.
 

الألبان كاملة الدسم قد تكون مفيدة للأطفال

تشير بعض الدراسات إلى أن استهلاك الألبان كاملة الدسم يمكن أن يكون مفيدًا للأطفال. على سبيل المثال، أظهرت دراسة شملت 4699 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 9 أشهر و8 سنوات أن الأطفال الذين تناولوا الحليب كامل الدسم كانوا أقل عرضة للإصابة بالسمنة مقارنة بالأطفال الذين تناولوا الحليب قليل الدسم.
 

ما هي أضرار تناول كميات كبيرة من الألبان قليلة الدسم؟

يقول الدكتور لي إن استبدال الدهون بالكربوهيدرات قد يسبب ارتفاع مستويات الأنسولين، مما يسبب زيادة في الجوع. كما أن العديد من المنتجات قليلة الدسم تحتوي على كميات أكبر من السكر لتحسين الطعم، وهو ما قد يساهم في زيادة الوزن والمشاكل الصحية الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم.
 
وتضيف الدكتورة ليندا فان هورن، رئيسة قسم التغذية في جامعة نورث وسترن، أن الدهون في الألبان تختلف عن الدهون في اللحوم الحمراء والدواجن، وقد يكون لها تأثيرات بيولوجية مختلفة على الجسم، رغم أن الزبدة قد تكون استثناءً وتؤثر سلبًا على الصحة.
 

هل الألبان كاملة الدسم أم قليلة الدسم أفضل لفقدان الوزن؟

وفقًا للبيانات الحالية، يبدو أن استهلاك الألبان سواء كانت كاملة الدسم أو قليلة الدسم لا يختلف بشكل كبير من حيث تأثيرها على فقدان الوزن، ولكن تشير بعض الأبحاث إلى أن الألبان كاملة الدسم قد تكون الخيار الأفضل.