فترك الشعر يطول كانت من عادات العرب فجاء النبي ﷺ وكان الناس يطيلون شعورهم ويضفرونها، كان الرجل قوي لا يظهر عليه أي أثر للتأنث، والشعر لا يزيده إلا خشونة ورجولة، ثم بعد ذلك تغير الحال فصار الناس بعد هذا التنعم إذا ترك الواحد شعره وخالف معهود الناس صار ذلك من زي الشهرة، أو من مظاهر الشهرة، ثم إن ذلك يورث في الغالب تأنثًا بل تشبهًا بالنساء، فلربما ربطه كما تربط المرأة شعرها، ولربما رأيته قد حلق لحيته، وأطال شعره، وإذا كلم عن الشعر قال: هذه سنة النبي ﷺ، فيترك هديه ﷺ في الأمور التعبدية بل في الواجبة، ثم يتعلل بمثل هذا.
فالشعر المقصود أنه إما أن يترك وإما أن يحلق وإما أن يقصر يعني الحلق هو أخذ الشعر من منابت الرأس، يعني بالموس. والتقصير فيما دون ذلك مما يكون بالمكينة رقم واحد فما فوق هذا يسمى تقصير، وفي قوله ﷺ: اللهم اغفر للمحلقين ثلاثًا[4]، المقصود أخذ الشعر من منابته، يعني بالموس، فإذا حلق بالمكينة رقم واحد، أو أكثر من هذا فإنه يكون من قبيل التقصير، الإنسان له أن يقصر شعره من غير أن يتشبه بالكفار، أو الفساق، أو الحيوانات، الحيوانات مثل الذي يسمونه قصة الأسد، وفي أشياء ليس لكما سبق، فالتشبه بالحيوانات يتنزه الإنسان عن هذا، التشبه بالكفار، التشبه بالفساق، التشبه بالنساء، إن سلم من هذا فلا إشكال.